الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
شرح كتاب العلم من صحيح البخاري
32706 مشاهدة
باب فضل العلم

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- قاضي الحديث وجبل الحفظ وإمام الدنيا في صحيحه: كتاب العلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
باب: فضل العلم ، وقول الله -تعالى- يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ وقوله -عز وجل- رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا .
قال -رحمه الله تعالى- باب من سئل علما وهو مشتغل في حديثه فأتم الحديث ثم أجاب السائل.
قال أبو عبد الله حدثنا محمد بن سنان قال: حدثنا فليح قال: وحدثني إبراهيم بن المنذر قال: حدثنا محمد بن فليح قال: حدثني أبي، قال: حدثني هلال بن علي عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: بينما النبي -صلى الله عليه وسلم- في مجلس يحدث القوم جاءه أعرابي فقال: متى الساعة؟ فمضى -رسول الله صلى الله عليه وسلم- يحدث فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع، حتى إذا قضى حديثه قال: أين أراه السائل عن الساعة؟ قال: ها أنا يا رسول الله قال: فإذا ضيعت الأمانة؛ فانتظر الساعة. قال: كيف إضاعتها؟ قال: إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة .


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد البخاري يذكر فضل العلم ويذكر طريقة تحصيل العلم ، ففي الباب الأول ذكر آيتين في فضل العلم آية في سورة المجادلة قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ يقول: إن قوله: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ قال بعض المشائخ: أي منكم أيها الصحابة ثم قال: والذين أوتوا العلم منكم ومن غيركم يرفعهم الله درجات وهذه الدرجات يراد بها درجات الآخرة.
بمعنى أن الله -تعالى- يرفعهم في الآخرة درجات كما قال تعالى: لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وفي الحديث أن في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض فكلما ارتفع أحدهم في الجنة كان ذلك أعلى لمكانته وأرفع لمقامه، وأكثر نعيما له، هذا الرفع في الآخرة.
وكذلك أيضا الرفع في الدنيا بمعنى أن طالب العلم والمحصل له يرفعه الله على غيره كما في قوله تعالى: لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ أي منازل بعضهم أفضل من بعض، فطلب العلم يرفع الله -تعالى- به طالبه، أما الآية الثانية قوله تعالى: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا النبي -صلى الله عليه وسلم- علمه الله قال تعالى: وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا .
امتن عليه بأن علمه ما لم يكن يعلم، فدل هذا على فضل العلم إذا كان الله -تعالى- علم نبيه ومع ذلك أمره بأن يطلب ربه المزيد أن يقول: رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا لا شك أن هذا دليل على محبة التزود أن كل عابد يحسن منه أن يتزود من العلم أن يقول رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا في كل ساعة يطلب ربه أن يزيده علما ولا يقتصر على العلم الذي قد رزقه فإنه قليل بالنسبة إلى ما يجب عليه تعلمه:
وليس كل العلم قـد حويته
أجل ولا العشر ولو أحصيته